[عاشق A380]

توالت الاتهامات لروسيا بالتشويش على أنظمة الملاحة الجوية خلال الفترة الماضية، على خلفية مناورات حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي أقيمت بالنرويج، وشملت بعض نشاطاتها شمال فنلندا وأجزاء من بحر البلطيق.
وفي الوقت الذي تفادى فيه الرئيس الفنلندي سولي نينيستو، في مؤتمر صحفي بباريس أول أمس الأحد، اللجوء إلى التصعيد مع الجارة القوية واكتفى بالتأكيد على الحاجة إلى مزيد من التحقيقات لكشف مصدر التشويش على أنظمة الملاحة الجوية في شبه الجزيرة الاسكندنافية، كانت لهجة رئيس الوزراء يوها سيبيلا أكثر حزما؛ معتبرا أن المضايقات التي تعرضت لها إشارة نظام تحديد المواقع العالمي في البلاد تزامنا مع التدريبات العسكرية للناتو كانت "متعمدة"، مشيرا بأصبع الاتهام مباشرة إلى روسيا.

وأوضح سيبيلا في تصريح نقلته قناة "أولي" الفنلندية، أول أمس، أنه "من السهل من الناحية التقنية أن يحدث تداخل في الإشارة اللاسلكية في الفضاء المفتوح، ومن المحتمل أن تكون روسيا خلف ذلك. في الواقع، فإن مهارات من هذا القبيل معروفة لدى روسيا".

ووفقا لرئيس الوزراء الفنلندي فإن اضطراب إشارة نظام تحديد المواقع العالمي يزيد من خطر حدوث أخطاء في النقل المدني أيضا، مشيرا إلى ضرورة الاستعداد مستقبلا بشكل جيد للتعامل مع التلاعب المتعمد بأنظمة الملاحة الجوية.

وفي السياق ذاته، حذرت قوات الدفاع الفنلندية من "تشويش تصدره جهة ما"، تجاه أنظمة الملاحة الجوية في فنلندا، وعلى غرار ذلك صدر أيضا تحذير مشابه في النرويج.

ويعني تحذير من هذا النوع أن الطيران العسكري والمدني لا يكون قادرا على استخدام الأنظمة الأوتوماتيكية في الطيران وخصوصا في الهبوط والإقلاع، وتكتسي هذه الميزة أهمية بالغة في بلدان تعاني من ظروف مناخية خاصة كفنلندا والنرويج؛ حيث إن خروج نظام الملاحة الجوية عن الخدمة يعني العودة إلى الطرق الكلاسيكية في الطيران.

وكان الناطق الإعلامي باسم الخطوط الجوية النرويجية قد صرح، من جهته، أن بعض الطائرات فقدت التواصل مع نظام الملاحة الجوي أثناء المرور في المناطق الواقعة في شمال النرويج، بالقرب من الحدود الروسية؛ مشددا بالوقت نفسه على عدم وجود أي خطر يحتم اللجوء إلى وسائل بديلة.

واعتبر مسؤول الطيران الجوي أنه من الصعب تحديد سبب التشويش، إلا أن الفرضية الأكثر ترجيحا -حسب اعتقاده- تكمن في "إجراء الروس لتجارب عسكرية على الحدود".

وقد استأثر هذا الملف باهتمام متزايد في الإعلام الفنلندي، حيث دعت افتتاحية "إلتا سانومات" الفنلندية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، الدولة الفنلندية إلى "إدانة قوية" لما اعتبرته "تحرشا" روسيا.

وأضافت الافتتاحية أن "التحرش بالبلدان المجاورة يعتبر عملا خطيرا وغير مسؤول"؛ مشيرة إلى أنه "على الرغم من أن نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) ليس هو الوسيلة الوحيدة لضبط الملاحة الجوية، إلا أن التشويش عليه يكتسي خطورة بالغة".

وتابعت أن "الحرب الإلكترونية أصبحت على قدر كبير من الأهمية في أنشطة القوات المسلحة، وهذا ينطبق على الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء. وعلى هذا فإن اللجوء إلى التشويش الإلكتروني هو سلاح أعمى يعمل على شل الاتصالات والقيادة والسيطرة ونظم المعلومات لخصم مفترض"؛ مؤكدة أن "على فنلندا أن تعبر لروسيا عن رفضها جراء هذا العمل العدائي الذي استهدف مجالنا الجوي".

وفي السياق ذاته، أكدت افتتاحية "إلتا لوهتي" أن التلاعب بإشارة نظام تحديد المواقع العالمي في منطقة "لابلاند" الفنلندية خلال مناورات الناتو هو أيضا "تمرين سياسي"؛ مشددة على ضرورة "التحقق من مصدر تشويش الإشارات ومن ثم اتخاذ التدابير المناسبة، على غرار الانتهاكات الجوية وغيرها من انتهاكات مجالات السيادة".

وشبهت الافتتاحية روسيا ب"الساحر" الذي يقوم ب"تجربة شد الانتباه وقياس ردود الأفعال"؛ مؤكدة أن "الرد يجب أن يكون واضحا بشكل لا لبس فيه: لا تسامح مع مثل هذا التحرش، ولا تساهل مع اختراق أراضي بلد آخر".

من جهتها، نفت روسيا وقوفها خلف التشويش الذي طال أنظمة الملاحة الجوية في شبه الجزيرة الاسكندنافية.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في تصريح لوسائل الإعلام أمس الإثنين، إنه لا يملك أية معلومات تفيد بأن روسيا قامت بتعطيل نظام تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية في شمال فنلندا.

وقال بيسكوف للصحفيين إنه لا يعلم أن روسيا يمكن أن تكون السبب في ذلك؛ مضيفا أن "روسيا متهمة بانتظام بارتكاب جميع أنواع الجرائم، لكن معظم المزاعم لا أساس لها من الصحة".

وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن غضب موسكو من مناورات حلف الناتو العسكرية، على الرغم من إبلاغ الحلف لروسيا مسبقا ودعوتها لمراقبة تدريبات المناورة.

وبالإضافة إلى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي البالغ عددها 29 دولة، شاركت كل من السويد وفنلندا جارتا النرويج في التدريبات التي تواصلت من 25 من شهر أكتوبر المنصرم إلى غاية 7 من نونبر. وشارك في المناورات نحو 50 ألف جندي و10 آلاف مركبة و65 بارجة و250 طائرة.

https://www.menara.ma/ar/الأخبار/دولي...إلى-روسيا.html