[طيارة المستقبل ايمان]

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،

كما يظهر من العنوان فإني فضلت أن أكتب في موضوع يدور حوله جدل كبير ويعتبر من الطابوهات التي

نخجل من الخوض فيها بل أحيانا نخاف من ردات الفعل لأننا تربينا في مجتمعات دوائر أمانها تمنع الحديث في

أمور كـــ " المراهقة " ، بكل بساطة لأن هذه المرحلة العمرية تشكل شبحا أسود للآباء والمربين على حد

سواء ، وذلك لأنها تتميز بسمات وخصائص تجعل الانسان لا يخضع إلا لما يريد .


قرأنا الكثير والكثير عن المراهقة لكن الشهادات كانت دائما تأتي من عند راشدين تخطوا هذه المرحلة ، لكن

هذه المرة وجهة النظر ستأتي من عند مراهقة لم تتجاوز ربيعها السادس عشر .


إن كل التغييرات السلوكية التي تحدث عند المراهقين لا تأتي من الفراغ ، بل إنها التغييرات النفسية هي

التي تسبب هذه التغييرات السلوكية وأحيانا انحرافات ، فالمراهق يقبل على مرحلة المراهقة بروح جديدة

فتية شابة لا تعرف شيئا في الحياة بل وتتسم بحسن النية والعفوية وتصديق أول ما يقال لها ، وتكون

نفسيته مستعدة لتجربة أي جديد لأنه بطبيعة الحال لا يعرف العواقب التي ستنتج عنها فهو يعاني مما يشبه

" فقدان الوعي على المدى البعيد " أي أن رؤيته تتسم باللحظية وأيضا التهور في اتخاذ القرارات والكلام بلا

منطق ، أما إذا أقبل هذا المراهق أو المراهقة على فعل أمر ما ليس لصالحه فإنه يجد نفسه يتملص من

المسؤولية التي ستترتب عن فعله لأنه كما قلت غير واع بأن كل فعل له نتائج عليه أخذها بعين الاعتبار .

لا شك أن الكثيرين منا سمعوا بعبارة " الحب من أول نظرة " وليس بالضرورة أن تكون نظرة ربما تكون كلمة أو

صوتا ، نعم ... إنها العبارة التي تؤكد فكرتي أن المراهق يصدق أي شيئ ، فيظن أن الطرف الآخر الذي يبادله

نفس الشعور يكون صادقا ، لأن روحه تكون صفحة بيضاء يطبع عليها أي شيء ويستقر فيها ، فيبدأ المراهق

بنسج قصص وكتابة ملاحم حول قصة الحب التي يعيشها اعتقادا منه أنه هو الحب الصادق الوحيد في حياته

، وأن الطرف الآخر هو توأم الروح إلى آخره من هذه الأفكار التي يكون لها وزنها في روح المراهق لأنه يعيش

حينها في عالم أشبه بعالم الأوهام لا شيئ فيه مبني على أساس ثابت ، كل شيئ حوله يتراقص عشوائيا

. لو فكر هذا المراهق ( ولا أستثني نفسي ) بعقلانية لاكتشف الفرق بين تفكيره وتفكير شخص راشد ،

فالفرق أن المراهق يقول " الحب هو ما سيجمعني بمن أحب " بينما يقول الراشد " القدر هو ما سيجمعني

بمن أحب " الاختلاف هنا هو اختلاف في كيفية التفكير ، فنفسية كل من المراهق والراشد مختلفة تماما ،

الأول لا يريد الخضوع ويصر على الحصول على ما يريد بيده أما الثاني فيكون قد أدرك الخطأ الذي وقع فيه

عندما كان مراهقا ويبدأ شيئا فشيئا بالإيمان والتسليم بالقدر وتركه يحكم وهذا ما لا يريد المراهق الاعتراف

به لأنه يهدد حبه فربما يكافؤه القدر ويمنحه وربما يعاقبه ويحرمه . اذن القدر والمستقبل يشكلان عنصري

تخويف بالنسبة للمراهق وعلامة استفهام تتسبب له في اضطرابات نفسية صعبة جدا جدا كالخوف من الندم

والخوف من عدم نيل ما يحب أو من يحب ، ومخاوف عديدة تجعله يعيش حالة من الاستنفار الدائم والعصبية

وغيرها من الاضطرابات .


مشكل آخر يواجه المراهقين وهو أن خاصية السمع والطاعة تكون شبه منعدمة ، لأنه في هذه المرحلة يبدأ

بتكوين أفكار خاصة وتوجهات جديدة وربما تكون مختلفة عن واقعه الرافض وتستقر في قلبه وعقله ، ويبدأ أيضا

بالمحاولة شيئا فشيئا أن ينزل أفكاره على أرض الواقع ، فالجوارح تنصاع للأوامر التي تأتي من عند العقل

الذي بدوره يتأثر بالمشاعر والأحاسيس التي يولدها القلب ، أي أن الأمر أشبه بتأثير متبادل : القلب >>>>

العقل >>>> الجوراح . ومن هنا نستنتج العلاقة التالية : أفكار + آليات = سلوك , الأفكار هي مجموع

القناعات والاعتقادات والتوجهات التي يختارها المراهق ويبدأ باكتشافها سواء بتوجيه أو بدون توجيه ، ثم

تستقر في وجدانه وعقله وهنا تبدأ المرحلة الموالية كي تتحول الأفكار إلى سلوكات وهي مرحلة التطبيق

التي تكون بالآليات ( الجوارح ) التي ينحصر دورها في الاستجابة الفورية مثل ردات الفعل إذا أحس بتهديد

يمكن أن يشوش ثقته بنفسه التي استمدها من أفكاره ، أو الاستجابة التي تأتي مع والوقت حيث يصبح

السلوك عادة ثم يكون شخصية مع الممارسة ثم أسلوب حياة وعيش . لتوضيح مسألة اقتناع المراهقين

بأفكارهم وتحويلها للواقع أعطي مثالا قريبا جدا إنه مثال عن نفسي :

لما كنت في عمر 14 سنة أي قبل سنتين من الآن ، لا اعرف كيف حصل الأمر حتى وجدت نفسي أميل

لاتخاذ أفكاري الخاصة وبدأت أنتقد كثيرا سياسات المنزل إلى درجة أني فكرت وقلت : لماذا الوالد الله يحفظه

هو المسؤول وصاحب السلطة في البيت ؟ هذا ليس ديمقراطيا أبدا ، علينا تنظيم انتخابات في البيت وكل

واحد يعرض مشاريعه ورؤيته الخاصة ثم بعدها الاقتراع هو الذي سيحدد المسؤول ! " هههههههههه هذه

فكرة من الأفكار التي كانت عندي ، فـــ ماذا ؟ .. ترجمتها لأفعال ودخلت صف المعارضة وحدي دون اخوتي ،

بدأت أعاند وأرفض أي شيئ تم فرضه علي ولو كان صوابا ، وأدخل في اشتباكات مع أختي الاكبر مني لأنها

كانت بالنسبة لي طرفا مواليا للسلطة المتمثلة في الوالد ،، كنت فعلا مقتنعة بما أفعل ومتيقنة أنه الصواب

، لكن الآن بعد مرور سنتين ها أنا أقول " لقد كنت غبية بحق " رغم أني لا أزال محتفظة بحق النقد لنفسي

.في ذلك الوقت توالت علي النصائح وأحيانا العقاب لأني تماديت كثيرا ، لكني كنت أعيش في قوقعتي لا أريد

إلا ما أريد ، والعجيب أني كنت أرفض كون سلوكي ذلك ناتج عن المراهقة ، فكنت دائما أخاطب نفسي: " أنا

لا أعترف بشيئ اسمه المراهقة ، هذه الأفكار التي أتبناها أنا من وافقت على دخولها عقلي وانعكاسها

على سلوكي عن طريق الجوارح ، ولا داعي لأن يقول لي الناس إنها المراهقة تفعل فيك أفعالها " لكن الآن

أدركت أني كنت مراهقة متمردة من الدرجة الأولى،، وأنه مهما بلغت درجة إيماننا بأفكارنا ونحن بين سن 11

و 18 سنة فإنها تظل أفكارا من وحي المراهقة لا يقتنع بها الراشدون ، ويعتبرونها مجرد انفعالات نفسية

وستمر بمرور مرحلة المراهقة وستصبح مجرد تجارب من الماضي .. وسنصبح بدورنا راشدين نعامل

المراهقين كما تمت معاملتنا وهكذا تمر السنين ونحن ندور في دائرة فارغة .

آآآه .... أنا الآن وغيري كثيرون لدينا أفكار نؤمن بها ومقتنعين بها لكن ما أخشاه هو أن تمر سنين قليلة وأجد

نفسي نادمة لأني اتخذت من الهوى خليلا .

والسلام


بقلم : طيارة المستقبل ايمان

[THE LORD KSA]

اهنيك بصراحة على هذا الابداع والفلسفة الفكرية التي سطرتيها بقلمك

مرحلة المراهقة حرجة جدا يتخوف منها الاباء والعديد منهم يحاول توجيهها حسب افكارهم و اطباع زمانهم وهذا خطأ .. فالوقت قد تغير

فعلت الكثير في ايام المراهقة ولا انكر ان بعض الامور كانت غبية ومتهورة ولكن لو عاد بي الزمان لما غيرت شئ فكل تلك الامور رغم سذاجتها هي ماجعلت مني الشخص الذي انا عليه الان

يعطيك العافية اخت ايمان ولاتحرمينا جديد قلمك

[طيارة المستقبل ايمان]

اقتباس:     المشاركة الأصلية كتبت بواسطة THE LORD KSA  

اهنيك بصراحة على هذا الابداع والفلسفة الفكرية التي سطرتيها بقلمك

مرحلة المراهقة حرجة جدا يتخوف منها الاباء والعديد منهم يحاول توجيهها حسب افكارهم و اطباع زمانهم وهذا خطأ .. فالوقت قد تغير

فعلت الكثير في ايام المراهقة ولا انكر ان بعض الامور كانت غبية ومتهورة ولكن لو عاد بي الزمان لما غيرت شئ فكل تلك الامور رغم سذاجتها هي ماجعلت مني الشخص الذي انا عليه الان

يعطيك العافية اخت ايمان ولاتحرمينا جديد قلمك

شكرا لك أخي THE LORD KSA على مشاركتك الجميلة
وعلى مروروك الذي شرفني كثيرا يا مشرفنا ^^
كلامك صحيح مية بالمية أحداث الماضي هي التي تصنع شخصيات الحاضر
وأيضا أفعال الحاضر هي التي ستحدد حالنا في المستقبل ...
مما أثارني وحز في نفسي كثيرا هو ما باللون الأحمر في كلامك
هذا خطأ كبير يقع فيه الآباء ، ويعاني بسببه الكثيرون
يصدرون أحكاما على أبنائهم ويفرضون عليهم عدة أمور بدون سبب محدد
بل ويعتبرون من اقترب من تجاوز سن المراهقة 18 سنة لا يزال مراهقا !!
ولايثقون في اختياراته بحجة أنهم والديه ويعرفون مصلحته
فعلا أتمنى أن يغير الآباء من تصرفاتهم تجاه المراهقين والتي تكون محكومة بأفكار تحتاج للتجديد
----------
شرفني مرورك أخي الكريم
الله لا يحرمنا من عطاءك
تحياتي