كل شيء تقريبا في العالم تعرّض للمخاطر الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، إلى جانب (طبعا) المخاطر الصحية التي يتركها على مدار الساعة هنا وهناك.
هذه المخاطر تنتشر بصورة يمكن أن تدفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلان "كورونا" وباء عالميا، مع توسع رقعة هذا المرض، ومع إعلان عدد من الدول إغلاق مدن بأكملها لاحتوائه. الأضرار التي يتركها الفيروس على الاقتصاد، بدأت في الواقع منذ اليوم الأول لإعلان وجوده.
فالشركات التي تعمل في الصين، ولا سيما في المناطق القريبة من مدينة ووهان توقفت، وأعمال الشركات الأجنبية في هذه المناطق توقفت أيضا، فضلا عن قطاع الطيران الذي كان أول المتضررين من "كورونا"، وما يرتبط به من حراك سياحي واسع، ليس في الصين فقط؛ بل على مستوى العالم.
وفق آخر التوقعات، قد تصل خسائر شركات الطيران حول العالم إلى 113 مليار دولار، بسبب تداعيات فيروس "كورونا"، وترى الهيئة الدولية للنقل الجوي "أياتا" أن هذه الخسائر قد تراوح بين 63 و113 مليارا في الفترة المقبلة. وهناك تقديرات ترفع حجم هذه الخسائر، خصوصا إذا ما تحول الفيروس إلى وباء، وواصل انتشاره في أماكن لم يصل إليها حتى الآن.
وفي كل الأحوال، أعلنت مجموعة من شركات الطيران العالمية أنها أوقفت مئات الرحلات بسبب "كورونا" منذ اليوم الأول لإعلانه، وتعتزم شركات أخرى الإقدام على هذه الخطوة، ليس فقط خوفا من الفيروس؛ بل لتراجع عدد المسافرين لديها إلى مناطق بعينها؛ ما يجعل رحلاتها خاسرة بصورة لا يمكن تحملها.
هناك مؤشرات عديدة تدل على أن شركات طيران قد تعلن إفلاسها في المستقبل إذا ما واصل "كورونا" الانتشار، وإذا ما خرج عن السيطرة، ولا سيما تلك التي تعاني أصلا تراجع أرباحها لأسباب تجارية وتشغيلية مختلفة. ووسط الأجواء الراهنة على الساحة العالمية عدلت الجهات المختصة، وفي مقدمتها "أياتا"، توقعاتها التي أطلقتها مع بدء الأزمة. فقد توقعت هذه المؤسسة أن تكون الخسائر التي سيتكبدها قطاع الطيران في حدود 29 مليار دولار، إلا أن الأمر تغير مع تغير الظروف المحيطة بالفيروس، ومع عجز العالم عن إيجاد مصل يقضي عليه، أو مع الفشل في حصره في مناطق ضيقة. فالخسائر ستكون كبيرة، طالما ظل "كورونا" خارج السيطرة، تماما مثل ارتفاع الخسائر في قطاعات أخرى، أولها السياحة والتصنيع والتجارة وغيرها.
ما تقوم به شركات الطيران حاليا، تقليل تكاليف التشغيل إلى مستويات منخفضة، لحصر خسائرها المتوقعة، خصوصا على صعيد الشركات التي تعاني تراجع العوائد منذ أعوام عدة، لكن الخوف الأكبر أن تصل خسائر قطاع الطيران في نهاية المطاف إلى 19 في المائة من العائدات العالمية، في حين تؤكد الجهات الاقتصادية أن هذا المستوى من الخسائر سيكون مساويا للخسائر التي ضربت القطاع من جراء الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت عام 2008. يحدث هذا، ولا أحد يعرف متى سيتوقف انتشار "كورونا"، وما حجم التوسع الذي سيصل إليه في الأيام القليلة المقبلة، وما مدى القدرة على إيجاد مصل سريع يقاومه. الحكومات تتحرك في كل الاتجاهات للوقوف في وجه "كورونا"، الذي أتى في ظل مشهد عالمي مختلف، عما كان عليه عندما انتشرت أوبئة في الماضي.
العالم اليوم متشابك بصورة لا يمكن لأحد أن يدعي أنه محصن من وصول "كورونا" وغيره إليه.. فالتعاون العالمي في هذا المجال هو الأهم، تماما مثل التعاون في مجالات أخرى على هذه الأرض.
https://www.aleqt.com/2020/03/10/article_1777051.html