[طيارة المستقبل ايمان]

نعم..!! كم هو رائع ، آه لو تستطيعون رؤيته كما أراه أنا ، فهو ليس أيا كان ... إنه متميز بوجهه المشع نورا

لا تشوبه شائبة ... صامت وجامد لا يتكلم وعندما يتحرك فلا أحد يحس بحركته فهو هادئ مسالم ....

هدوءه وصمته يجعلان الناس يفسرانهما حسب حالتهم النفسية ... فالحزين يراه عنوانا للكآبة والوحدة

بصمته ..أما الفرح المتفائل فيرى في صمته قوة وهيبة و وقارا ....

شخصيته حيرت الشعراء والرومانسيين الشاعريين ، وسلوكه حير العلماء الباحثين ...فهو لغز يدعي أصحاب

الرؤوس الشقر أنهم استطاعوا فك شفرة من شفراته .. لكنه مصر على أن يبقى مجهولا حتى بالنسبة

إلي..!!


لا يحدثني عن نفسه .. فقط نتبادل نظرات طويلة لا تمل منها العيون ، وعندما أشعر بالبرد أحني عيني

المتعلقتين بالسماء وأدخل من الشرفة منكسرة أفكر في طريقة كي أكون معه ....


أحيانا عندما أكون في حالة تأمل وتدبر في عظمته يظن ابن الجيران أنني أحملق في شرفة منزلهم بالطابق

الثالث ..!! لكن أنا لا أكترث فأنا أفكر في كائن آخر .. نعم.. أفكر في الذي حير العالم .... أرفع يدي لأمسك

بشاغل بالي فيظن ابن الجيران أني أشير له ..فيشير إلي بدوره ....!!

اسمه متميز كصاحبه .. فالقاف : قوي ، والميم : مضاء ، والراء : رومانسي . ثلاثة حروف إذا جمعناها تعطينا

"قمرا "....


اسم خفيف سهل ، لكن في نفس الوقت له وزنه ... انتهكوا حرمته بــ"غزو الفضاء" لكنه مصر على ألا يدير

عنهم وجهه..لا يزال كما عهدناه مشرقا مضاءا ..فـواجهته المظلمة لا يوليها لنا .. يحتفظ بأحزانه لنفسه بل

ويكسوها بإطلالة حلوة جعلت منه عنوانا للتفاؤل ...





ذات يوم كعادتي كنت أتأمل شكله وهو هلال ، فهمس في أذني دون استئذان :

" إيمان ...يا من اعتادت البوح إلي بأحزانها وجعل جروحها تلتئم بمجرد رؤيتي ... أليس اسمك يعني الإيمان

بالقضاء والقدر .. ؟؟ إذن لماذا كل هذا الحزن في هذه السن .. ؟؟ أنت لم تري بعد شيئا في الحياة ، ولا زال

أمامك متسع من الوقت للخطأ والتدارك ...عليك فقط أن تتخذي حذرك فصديقك اليوم عدوك غدا.. من يدري ؟

والأشخاص الذين تؤمنين أنهم سيبقون معك إالى الأبد يكونون أول من يرحل ... كوني قمرا مثلي لا تصلك

أيدي العابثين لا من قريب ولا من بعيد .. فأنا لو اقتربت من الشمس لاحترقت ...كوني مثلي لا تظهر روعتك

وقوتك إلا بوجود نجوم جميلة تحيط بك لكنها لا تؤذيك ..."





سكت القمر واختفى ...!! لم يترك لي فرصة للشكوى فقد مل من شكواي ... اختفى لأنه ليس غافلا عن

شر الشمس التي ما إن تطلع حتى يضيع هو والنجوم في نورها الساطع ...ففلسفته ( القمر ) الوحيدة هي:

"مكانتك تتحدد مع من تخالط ، فخالط دائما من يجعلونك تحس بينهم أنك ملك، وابتعد عمن يتباهى عليك بنوره

فيجعل ضياءك يضيع في نورهم .... "


بقلم : طيارة المستقبل ايمان