الموت يرقد خلف الباب
*********************
تجلس بجوارى وأنا بفراشى تحمل بين يديها الصغيرتين دميتها تحتضنها تغرقها بسيل حنان جارف .....سبحان المولى هذا القلب الصغير يحمل بين جنباته حنان لو وزع على كل البشر لأغرقهم.. سبحان من أحيا القلب وأمات الجسد.
غفوت قليلا من السهر والتعب ...فصحوت على صوت غريب يالرحمة الله أنها غرغرة الموت..جسدها الصغير ممدد الى جوارى....جسد تخشب...بردت الأطراف ..وما زالت الدمية بجوارها....قلبى كاد أن يقفز من صدرى ...ماذا أفعل ...حملتها وضممتها على صدرى...اضطربت ارتبكت.....حملتها بين ذراعى...أجرى كمجنونة لا تدرى أين تذهب لم ألمح الطريق...لم ألمح حتى السيارات ...فقط أهرول نحو المستوصف والذى يبعد اكثر من 4كيلو من عن البيت...
هرولت وكأنى نفاثة خارقة حاجز الصوت.... وقابلنى الجميع مسرعين فهذه ليست أول مرة....لكن هذه المرة النوبة كانت أشد وأقسى ..ونظر الى الطبيب السورى لابد من تحويلها الى مستشفى دلة..الحالة لا تتحمل الـتأخير...
كان طبيبا انسانا كم أحترمه...لم يتركنى وحمل معى الصغيرة وأتى معى الى المستشفى ...وهناك قاموا بعمل التنفس الصناعى....واجراء الاسعافات..ونظرت الى الطبيب المختص..كل مرة تأتيها الغيبوبة لكن ما تطول...قال المرة أشد ...يتولاها الله برحمته...
أربع ساعات ..من القلق من الانتظار...أحسست ان العالم ضيق ويضيق على..وأنا بجوار سريرها أنظر الى الملاك الصغير ..سبحان من وهبها هذا الجمال..هذا الضياء الذى يشع من وجهها الصغير...أتلمسها أمسك يديها الصغيرتين.....أمسك المصحف الصغير الذى لا يفارق حقيبتى..أقرأ سورة يس...اللهم تغمدها برحمتك....أنتظر ان تفتح عينيها لثانية فقط حتى أطمئن...لكن أعلم ان الموت يرقد خلف الباب...ان لم يدخل اليوم فسيدخل غدا.......
وبعد وقت طويل تجرعت مرارته أفاقت لحظة ثم ذهبت فى نوم عميق...هنا قال الطبيب السورى اطمئنى الحين...الحمدلله تخطت النوبة ..وودعته وياليت بامكانى فعل شىء لهذا الرجل الطيب الكريم..تنفست الصعداء....الحمدلله رب العالمين
وظلت نائمة لتسع ساعات متواصلة بعد النوبة..مابين برهة وأخرى أتحسس نبضها..الحين أفاقت لكن تترنح..لا تقدر على رفع رأسها الصغير...آه لو تعلمين يا ...ملاكى الصغير كم أحبك...لو تعلمين أنك الشمعة التى تضىء حياتى...لو تعلمين أنك نبض قلبى..لكن اعلم أنه قدر الله..اعلم ان الموت يرقد خلف الباب ليسرقك منى فى أى لحظة...أعلم ان عاصفته آتية لتطفىء الشمعة المنيرة بليلى..لو كان بامكانى لأختبات بك بعيدا عنه ..لكن أين..قل يؤتيكم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة...
انظر الى السماء وادعو الله ان يهبنى من القوة والصبر لمواجهة لحظات فراقك ياملاكى......
يا ملاكى النائم بقلبى
أختكم
عالم الطيران