شعار «السعودية» الجديد
عيسى الحليان
على فرضية أنه شعار «السعودية» الجديد وفقاً لما تناقلته بعض المصادر الخارجية، أرجو رغم ذلك أن تتريث «السعودية» في تدشينه وإعلانه، رغم أني أتمنى أن لا يكون قد تم اختياره أصلا أو اعتماده من مجلس الإدارة كما يشاع.
لا أزعم أني معيار لجودة الشعار من عدمه باعتباره علماً وتخصصاً بل خيالاً واسعا وخصبا يبحر أحياناً في الرمزيات التي لا يمكن للفرد فك كل دلالاتها أو الإحاطة بكل رموزها، إنما لا أجادل هنا إلاّ في إطار الانطباع الأول والنسبة الذهنية وهي نظرية جمالية للفرد ينبغي احترامها، رغم أنها ليست القانون الوحيد لجمال الشعار وإن كان مجموع أمثالي هم المستهدفون في نهاية المطاف بالشعار.
على أية حال، فإن الشعار الذي شاهدت والذي لست مقتنعا - رغم التأكيدات التي سمعتها - بأنه الاختيار النهائي لـ «السعودية» بدا لي شاحبا ومكفهر الملامح وغابت عنه جاذبية وإشراقة تقاسيم المظهر الخارجي للطائرة ويذكرني من أول نظرة بسعف «الكوكوناس» الاستوائي وكأنه يحمل هوية خطوط ترينداد أو جامايكا، بعد أن تخلّت «السعودية» على ما يبدو عن شعارها التقليدي والتاريخي (السيفين والنخلة) ، وقد تذكر الأسباب وراء ذلك لاحقاً .. أو لا تذكر !!
ينبغي أن نفرق هنا بين خطوط التجديد وخطوط الأصالة والمتقاطعة مع بعضها في ديناميكية التصميم، فالأول ثابت والثاني متحرك، خصوصا بالنسبة لناقل وطني مملوك للدولة ويحمل رصانتها، وإلى أن يتم ترقيتها إلى شركة على الأقل فهي لاتزال مؤسسة عامة حتى الآن، وإسقاط «اللوجو» القديم مع عدم استحداث رمزية وطنية موازية قد تملأ هذا الفراغ يعد خطوة غير محسوبة ومفاجئة من العيار الثقيل، وعندما نطالب بإبقاء شعار البلد فلا يعني هذ تعصباً للهوية أو الشعار الرسمي للبلاد، وإنما لكونه ظل محفورا في الذهنية العامة وجسد شخصية وهوية الناقل الوطني على مدى عقود وفي مختلف محافل الطيران الدولية، رغم أنه من الأمانة أن أذكر أن بعض الناقلات الوطنية العالمية قد لا تعتمد هذا الخط، وبدلا من ذلك تعتمد أحيانا شعارات خاصة بالناقل ذاته، فالخطوط التركية مثلاً اختارت «الإوزة البرية» باعتبارها الأكثر قدرة على الطيران لمسافات طويلة، و«التونسية» اختارت الغزال لأنه يرمز إلى خفة الحركة والسرعة و«كونتاس» الأسترالية اختارت الكنغر الأسترالي كرمزية حصرية للبلد، في حين اتخذت الإندونيسية من «الأسد» شعاراً لها كرمز للقوة والإقدام وهكذا.
لكن في الوقت نفسه يجب ألا ننسى بأن معظم الناقلات المملوكة للدول ظلت تعتمد شعارات وطنية صرفة تحمل بصمة الدولة التي تنتمي لها بشكل أو بآخر، فالإماراتية تعتمد علم الإمارات نفسه والأردنية التاج الملكي الهاشمي والسويسرية علم الدولة (الصليب) والشرق الأوسط أرزة لبنان وهكذا.
وطالما جاء الحديث عن «السعودية» يجب أن نعترف بأنها قد حققت قفزات كبيرة في الآونة الأخيرة واعتمدت خطا مؤسسيا في برامجها ومشاريعها واستقطبت بعض الشباب السعودي المؤهل في بعض المفاصل لإداراتها الرئيسية بل وحافظت على ريادتها في انضباط الرحلات، ونحن على يقين بأنه مع مزيد من الإصلاحات ستعود لمكانتها وتوهجها السابق، وبالتالي فإن نوعية ورمزية هذا الشعار قد يكون رديفا بل ومتوجا لهذه المرحلة مقترحا أن يتم الاستشارة عليه من بعض المجاميع الوطنية بشكل خاص لمعرفة مدى قبوله وطنيا وردود الأفعال الوطنية تجاهه..
منقول من صحيفة عكاظ