اولاً : صور الطائره قبل الحادث
وهي من الطائرات الثقيلة ولديها ثلاث محركات اثنان في الأجنحة والثالث في مجموعة الذيل .. والمحرك رقم 2 هو في الخلف في مجموعة الذيل ...
أجرينا استعداداتنا .. فحالة الطوارئ عباره عن إشاره في كابينة القيادة على أن هناك حريق في المحرك رقم 2 وهو ماجلعنا .. نقوم بتجهيز سيارة سريعة بقيادة أحد الزملاء .. تدخل المدرج بعد هبوط الطائرة للكشف إذا هناك دخان يخرج من المحرك رقم 2 ...
هبطت الطائرة ...
درجة الرؤيا ..كانت ممتازة ..
كنا نحدق النظر في المحرك رقم 2 إذا كان يخرج منه دخان ..
أعطي التصريح للسيارة الصغيره السريعة للدخول للمدرج واللحاق بالطائرة ..
ساد الصمت المكان ...
بعدها بقليل ..
"دخان كثيف يخرج من محرك الطائرة رقم 2 ... دخان كثيف يخرج من محرك الطائرة رقم 2 "
كان ذلك هو صوت زميلنا خلف الطائرة ..
خاطبنا الطيار .. بأن هناك دخان كثيف أسود يخرج من المحرك رقم 2 ، والذي قام بدوره بإطفاء المحرك رقم 2 ...
الطائرة تتهادى في نهاية المدرج ....
سأل قائد الطائرة عن اتجاه وسرعة الرياح ..
قلت ولا زلت اتذكر 010/11 ... ( 010 هو اتجاه الرياح على البوصله أي أن الرياح شمالية ، و11 هي سرعة الرياح بالعقده .. أي أن سرعة الرياح إحد عشرة عقدة ).
أي أن الرياح بالضبط عكسيه ...
خرجت الطائرة من المدرج وعند التفافها على الممر الأرضي ..
شب حريق هائل من المحرك رقم 2
برج المراقبة : رحلة السعودية رقم 163 حريق في المحرك رقم 2 ..
قائد الطائرة : رحلة السعودية رقم 163 نطفئ محركات الطائرات ونخلي الطائرة ...
كانت تلك آخر الكلمات التي تفوه بها قائد الطائرة ..
"Switching off Engines & Evacuating"
كانت سيارات الإطفاء تحاول جاهدة إطفاء الحريق ..لكن لا فائدة ..
انتظرنا الطيار أن يقوم بعملية الإخلاء التي عادة ما يقوم بها الطيار في حالة طوارئ كهذه لكن ذلك لم يحدث ..
حاول رجال الإطفاء أن يفتحوا الأبواب لكن .. جميع محاولاتهم فشلت ..
رباه...رباه...
القدر حينما يحين ... لن يفيد أي شيء ..
" إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون "
انقلب المطار رأساً على عقب ..
أغلق المطار في وجه الطائرات ..
طُلب العون والمساعدة من الدفاع المدني .....
وطُلب من المستشفيات الاستعداد لاستقبال المصابين ..
حاول الجميع أن يفعل شيئاً ..
لكن القدر كان أكبر بكثير من محاولاتهم ..
أصبحت المدارج والممرات الأرضيه ...شوارع لسيارت الإطفاء والإسعاف ..والشرطة ...والفضوليين ..
لم يعد هناك حركة طائرات .. بل حركة سيارات ..
ظلت الطائرة تحترق .. حتى الساعة الحادية عشر والنصف مساءً ..
وظللت في مكاني .. في برج المراقبة ..
لم أعد قادراً .... على التحرك لأي مكان ..
ظللت مع زملائي في البرج ...
وظلَّت معي في مخيلتي مناظر عديده ومشاهد عديده من تلك الحادثة ..
احترق الجميع ...
كارثة جوية في مطار الرياض ...
توفي في الحادث .. 301 شخص ..
في وقت متأخر من الليل ..
جاءني أحد زملائي من الإطفاء والإنقاذ .. متعب .. يمشي بتثاقل ..
حزين .. الرعب في عينيه من مشاهد رآها هذه الليلة ..
قال لي : تعرف فلان زميلنا الذي كان معنا في المعهد ..
قلت نعم : الذي درس معنا في اللغة ثم حصل على وظيفة مضيف في الخطوط السعودية ..
قال : نعم .. لقد رأيته هذه الليلة في الطائرة.. يستغيث .. لإنقاذه ..لكن ..
ثم بكى الرجل بحرقة ... واستدرك : لم أقدر على أن أفعل له شيئاً ..
لقد مات ...
رحمه الله .. وأسكنه فسيح جناته ..ورحم الله جميع المتوفين ..
مناظر مؤلمة يتقطع لها القلب ..
إمرأة احتضنت طفليها بين ذراعيها ..
واحترقت ..
وبقي طفليها سليمين .. لكنها توفيا اختناقاً ..
يالله .. انظروا .. ما أعظم شأن الأم ..
ضحت بنفسها ..في سبيل حياة ابنيها ...
صدق الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال : " الجنة تحت أقدام الأمهات "
أحد موظفي المطار ..
جثا على ركبتيه .. في ساحة المطار .. يبكي ..وينتحب ..
فقد أبناء عمه في هذا الحادث ...
حيث أنه عمل المستحيل ..حتى يسافروا على متن هذه الطائرة إلى جده ..
وكان القدر ..
مناظر عديده ..
مؤلمه ..
مأساة ..
وأكثر ماكان يدمي القلب هو المنظر .. أن تتخيل هذا المنظر ..
من كلام صاحبي ..
كانوا يرون الركاب .. على نوافذ الطائرة ...
يصرخون ...
يتشبثون ..
بأمل ..
بمخرج ..
يدعون ..
يستغيثون ..
يبكون..
ولكن ..
لا راد لقضاء الله وقدره ..
لم يكن رجال الإطفاء والإنقاذ .. يملكون من أمرهم شيئاً ..
فقد أعيتهم الحيلة ..
وأصبح الجزء الأعلى من الطائرة رماد تذروه الرياح ..