[{ملكة بديني}]

في يوم من الأيام في قديم الزمان، كانت مدينة آلتيوم تعتبر من أثرى مدن الإمبراطورية الرومانية، حيث كانت تمثل محطة متقدمة للتجار من مختلف أنحاء العالم القديم. لكن في حدود منتصف القرن الخامس، فرّ سكانها خوفاً من زحف البرابرة الغزاة، تاركين وراءهم مدينة مهجورة من الفلل والكنائس القديمة المتهالكة.


ثم دفنت آلتيوم تحت طمي الفيضانات المتكررة في تلك الأرض الخصبة، وكان علماء التاريخ يعلمون بوجودها، لكنها ظلت متوارية عن الأنظار طيلة هذه القرون.


والآن بعد 1500 سنة، بزغت آلتيوم من بين الركام من جديد. فلقد نجح فريق من علماء الأرض وعلماء الآثار من جامعة بادوا، في استخدام صور فضائية متطورة ملتقطة من الجو لتكوين صورة للشكل الذي كانت عليه آلتيوم عندما هجرها أهلها، وحصلوا بذلك على مشهد فريد لتلك المدينة في السنوات الأخيرة من الإمبراطورية الرومانية.


وبالكشف عن مستويات الرطوبة في الأماكن التي تنمو هناك اليوم، والتي تتفاوت بحسب وجود أو عدم وجود هياكل من صنع البشر تحت طبقة التربة العلوية، استطاعت تقنيات التصوير بالأشعة شبه تحت الحمرء أن توفر خريطة كاملة لتلك المدنية العظيمة.


ويقول البروفيسور باولو موزي، الذي يكرس كل وقته تقريباً لمحاولة كشف أسرار الماضي الغابر، عن طريق تحليل التربة «لقد كانت الصور حقاً استثنائية، وأدركنا على الفور أن هذه كانت خطوة كبيرة باتجاه الكشف عن أشياء جديدة لم تكن معلومة في السابق».


وافترض الفريق أن النباتات التي تنمو مباشرة فوق أنقاض المدينة الدفينة سوف تعكس الأشعة شبه تحت الحمراء بطريقة مختلفة عن النباتات التي تنمو في المناطق الأخرى، فقاموا باستئجار طائرة مزودة بحساسات متطورة لتصوير الحقول في تلك المنطقة خلال فترة الجفاف، عندما تعاني المحاصيل الزراعية هناك من جفاف شديد.


وسلطت الصورة الناتجة الضوء على المناطق التي لا تنهل النباتات فيها إلا من طبقة ضئيلة من التربة بسبب الهياكل الحجرية الواقعة تحتها، حيث دللت المساحات الأكثر سطوعاً في الصورة على أماكن وجود المباني، بينما دللت البقع الداكنة على مسار أقنية المياه في المدينة القديمة.


ويوضح موزي: «قبل الآن كان من المستحيل تصور هذا التصميم المعقد للمدينة، لكن الآن بوسعنا تكوين صورة كاملة لشكل المدينة المدفونة دون القيام بأية حفريات».


ويعتبر موزي وفريقه جزءاً من تيار متنام من العلماء الذين يتجهون بشكل متزايد للاعتماد على استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، للكشف عن المدن المفقودة وفك ألغاز الحضارات الغابرة.ومع توافر الأقمار الاصطناعية القادرة على التقاط صور طيفية فائقة الدقة لسطح الأرض من الفضاء، يستطيع علماء الآثار البارعون تقنياً الآن الكشف عن الآثار غير المرئية للعين المجردة.


ولقد بدأ هذا الجيل من المستكشفين المسلحين بقدرات رؤية خارقة بالفعل في إحداث هزات قوية في أوساط علم الآثار باكتشافاتهم المدهشة التي ستعيد صياغة فهمنا للعالم القديم.


ففي كمبوديا على سبيل المثال، استخدم العلماء من جامعة سيدني صور الأقمار الاصطناعية ليثبتوا أن أنكور كانت أكبر مدينة في العالم ما قبل الصناعي، وأظهروا أن مساحتها كانت تقارب مساحة لوس أنجلوس الحالية.


ولقد دفعت هذه التطورات وكالة الفضاء الأميركية ناسا إلى إنشاء قسم خاص لعلم الآثار الفضائي، في إطار برنامجها المستمر تحت عنوان «فرص الأبحاث في علوم الفضاء والأرض».


ويعمل الدكتور بيل ساتورنو، عالم الآثار في جامعة بوسطن عن كثب مع وكالة ناسا للكشف عن أسرار إمبراطورية المايا، التي ازدهرت في أدغال أميركا الوسطى على مدار ألفي عام قبل انهيارها الغامض.


ولقد استخدم ساتورنو رادارات ناسا الموجودة في الفضاء إلى جانب صور الأقمار الاصطناعية بنجاح لافت حتى الآن، حيث توصل إلى العديد من الاكتشافات المهمة بشأن حضارة المايا في زمن قياسي.


وعلى رغم كل هذه النجاحات، فإن هذا الميدان الجديد لايزال في مهده، بحسب العديد من الخبراء المختصين الذين يرون أن تعديل تقنيات التصوير الفضائية الحالية والتحسين على تصميمها خصيصاً لغرض الكشف عن الآثار الدفينة.


من شأنه أن يحدث نقلة مهمة في كمية ونوعية المواقع الأثرية التي سيتم الكشف عنها بهذه الطريقة في المستقبل، ويقول ساتورنو «هذه ليست سوى البداية. هناك مئات الآلاف من المواقع الأثرية التي تنتظر من يكشف عنها».

[كابتن بارع]

مشكوره على الموضوع الرائع تسلم يداكى اختى الدرر المفقوده وانشاء الله فى ميزان حسناتك يارب !!
تقبلى مرورى اختى ..

[{ملكة بديني}]

شاكره حضورك واسعدني مرورك