[صقر الثمامه]

حوادث الطيران بين التهويل الإعلامي والأسباب الشائعة لوقوعها


شكّل اختراع الطيران ثورة في عوالم السفر والنقل والعسكرية، حيث استطاع الطيران اختصار المسافات بين أصقاع الأرض، وفي الوقت ذاته تحوّل إلى سلاح عسكري أساسي في جيوش العالم وعصبًا رئيسًا في المعارك، وكان من الطبيعي أن تتزايد أعداد الطائرات تزايدًا كبيرًا ومستمرًا، حتى إنه لا يمكن إعطاء إحصاءات شبه دقيقة عن عدد الأساطيل الجوية الخاصة بالنقل، أو عن الطائرات وأعدادها في القوات الجوية في دول العالم، وبالتالي أُنشئت المطارات الضخمة المدنية والعسكرية في كل مكان، وفي المحصلة صار الطيران عصبًا حياتيًا لا تستغني عنه الدول والأفراد، ولا يمكن إحصاء أعداد الركاب المدنيين الذين تنقلهم الطائرات المدنية في العالم، كما لا يمكن إحصاء حجم الدمار الذي تلحقه الطائرات العسكرية في العالم، فهو أي الطيران نعمة في السفر والنقل والمواصلات، ونقمة في الحروب والمعارك.

وإزاء التزايد المتسارع في النشاط الطيراني، كان من البديهي أن تقع حوادث طائرات رغم كل احتياطات الأمان التي يتم اتخاذها، ولا نقصد هنا حوادث الطائرات المقاتلة المعرّضة للسقوط والإصابة في أي وقت أثناء المناورات والتدريبات والمعارك، بل نقصد الطائرات المدنية التي لا يمر عام إلاّ ونسمع عن حوادثها، والذي يكون أغلبها كارثي يودي بضحايا، ونادرًا ما ينجو الركاب من حوادث الطائرات المدنية، والإعلام بدوره يساهم في تضخيم هذه الحوادث ونقلها بسرعة وتصويرها وبثّها، مما خلق قلقًا لدى كل من يفكّر في السفر في الطائرة، مع أن الإحصاءات العالمية تؤكّد بأن ضحايا الطرقات وحوادث السير والسيارات أكثر بكثير من ضحايا الطائرات المدنية.

وبشكل عام، يمكن القول إن حوادث الطائرات سجّلت في الأعوام الأخيرة تصاعدًا ملحوظاً، حيث أمكن حصر أكثر من خمسين حادثًا كبيرًا خلال الأعوام العشرة الماضية، وكان للمنطقة العربية نصيبها من هذه الحوادث، وما زلنا نتذكر حادثة سقوط طائرة مصر للطيران قبالة سواحل نيويورك في نهاية شهر أكتوبر- تشرين الأول عام 1999م أثناء قيامها برحلة من مطار (جيه اف كيه) بنيويورك إلى مطار (القاهرة)، مما أسفر عنه مقتل مئتين وسبعة عشر شخصًا هم كل من كانوا على متنها، ومازال الغموض يلف هذا الحادث حتى الآن، لأن المحققين لم يتوصلوا إلى معرفة أسباب سقوط الطائرة من خلال الصندوق الأسود، ويومها تبنّى الخبراء الأمريكيون فرضية توحي بأن قائد الطائرة المصري قد انتحر بإسقاط الطائرة بمن فيها، وهو إيحاء رفضته السلطات المصرية بعنف.

وما دمنا في مجال نصيب الدول العربية من حوادث الطيران نذكر الحادث الذي وقع في الثالث والعشرين من نوفمبر- تشرين الثاني من عام 1996م عندما اصطدمت طائرة جامبو من طراز (بوينج 747) تابعة للخطوط الجوية السعودية بطائرة شحن تابعة ل (كازاخستان) في أجواء الهند، مما أسفر عنه مقتل (349) شخصًا فيما يعدّ أسوأ حادث في تاريخ النقل الجوي، بالإضافة لحادث الطائرة المصرية قبالة سواحل نيويورك. كما كان للدول العربية نصيب آخر من حوادث الطائرات منها حادث الطائرة التابعة لشركة طيران الخليج في أغسطس- آب من عام 2000م الذي أسفر عنه مقتل (143) شخصًا هم جميع ركاب وأفراد طاقم الطائرة التي كانت في طريقها لمطار البحرين الدولي قادمة من القاهرة، وقيل آنذاك إن الحادث نجم عن خطأ الطيّار الذي قيل إنه فشل مرتين في الهبوط بالطائرة قبل وقوع الحادث، وينضم لهذا الحادث عدة حوادث أخرى وقعت خلال العام 2002م، وهي مقتل (102) راكبٍ كانوا على متن طائرة ركاب جزائرية عندما تحطّمت عقب إقلاعها من مطار (تامنراست) جنوبي الجزائر، وقد وقع الحادث بعد دقائق من إقلاع الطائرة في رحلة داخلية إلى الجزائر العاصمة. كما كانت الجزائر مسرحًا لحادث جوي آخر عندما سقطت طائرة عسكرية من طراز (سي 130 هيروكيوليز) فوق حي سكني غربي الجزائر، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى من بينهم طاقم الطائرة المكوّن من أربعة أفراد.

ومن هذه الحوادث، حادث تحطّم طائرة من طراز (إيرباص) تابعة للخطوط الجوية السودانية بعد إقلاعها بوقت قصير من مطار (الخرطوم)، مما أسفر عنه مقتل (115) شخصًا، ولم ينج من هذا الحادث سوى طفل صغير، أما الحادث الآخر فاختتم به عام 2003م نصيبه من كوارث الطيران، عندما قُتل أكثر من مائة لبناني في حادث تحطّم طائرة من طراز (بوينج) بعد إقلاعها بلحظات من (بنين) في طريقها إلى (بيروت)، حيث سقطت في مياه المحيط الأطلسي قبالة سواحل هذه الدولة الأفريقية.


حوادث أخرى

ومن الحوادث البارزة الأخرى التي تنضم لهذه الحوادث على مستوى العالم، حادث تحطّم طائرة شحن روسية من طراز (أنتونوف) في مدينة (كينشاسا) عاصمة (الكونغو الديمقراطية) عام 1996م، مما أسفر عنه مقتل (350) شخصًا، إلاّ أن العدد الضخم لضحايا الحادث لم يكن نتيجة مقتل من كانوا على متن الطائرة، وإنما نتيجة لسقوط الطائرة على سوق مزدحمة في المدينة.
وتعرّضت الولايات المتحدة لحادث مشابه، عندما سقطت طائرة تابعة لخطوط (أمريكان إير لاينز) الجوية فوق حي (كوينز) ب (نيويورك) في الثاني عشر من نوفمبر عام 2001م، مما أسفر عنه مقتل (260) شخصًا بينما كانت في طريقها إلى جمهورية (الدومينيكان).

ومن الحوادث الكبرى الأخرى تحطّم طائرة لشركة (تي دبليو ايه) الأمريكية فوق مياه المحيط الأطلسي عقب إقلاعها من مطار (كينيدي) ب (نيويورك)، مما أسفر عنه مقتل (230) شخصًا هم كل من كانوا على متنها، كما شهد شهر سبتمبر- أيلول من عام 1997م حادث سقوط طائرة ايرباص أندونيسية في منطقة جبلية في شمالي (سومطرة) أسفر عنه مقتل (235) شخصًا، ولم ينج أي أحد من الحادث، كما شهد شهر سبتمبر-أيلول من العام التالي عام 1998م مقتل (229) شخصًا في تحطّم طائرة سويسرية قبالة ساحل (نوفا سكوتيا) أثناء محاولتها القيام بهبوط اضطراري، وكانت الطائرة في طريقها من نيويورك إلى جنيف، ولم ينج أيضًا أي من ركابها من الحادث.


حادث الكونكورد


ومن أبرز حوادث الطائرات أول حادث تعرّضت له طائرة من طراز (كونكورد)، والتي تفوق سرعتها سرعة الصوت، حيث شبَّت فيها النيران عقب إقلاعها من مطار (شارل ديجول) في طريقها لنيويورك في الخامس والعشرين من شهر يوليو- تموز عام 2000م، مما أسفر عنه مقتل (109) أشخاص هم جميع ركاب الطائرة، بالإضافة إلى سبعة آخرين كانوا على الأرض، وقد لعب هذا الحادث دورًا كبيرًا في أفول نجم هذه الطائرة، حيث تم منع رحلاتها لفترة طويلة في أعقابه قبل أن يسدل الستار تمامًا على هذا النوع من الطائرات بقرار فرنسي بريطاني مشترك عام 2003م.

وفي الخامس والعشرين من مايو-آيار 2002م قُتل (225) شخصًا في حادث تحطّم طائرة من طراز (بوينج) تابعة للخطوط الجوية التايوانية بعد سقوطها في البحر قبالة سواحل تايوان. ويُعدّ مقتل (276) من العسكريين الإيرانيين في تحطّم طائرة نقل جوي عسكري جنوبي إيران في شهر فبراير-شباط الماضي أكبر حادث جوي خلال عام 2003م.


أما أشهر الحوادث التي تتعلّق بالطائرات على الإطلاق فسيظل محفورًا في ذاكرة التاريخ باسم الحادي عشر من سبتمبر عندما قامت عناصر تابعة لمنظمة (القاعدة) باختطاف عدة طائرات استخدمت اثنتان منها في الاصطدام ببرجي مركز التجارة العالمي بنيويورك، مما أسفر عنه مقتل ثلاثة آلاف شخص تقريبًا، كما أعلنت السلطات الأمريكية أن الطائرة الثالثة اصطدمت بمبنى البنتاجون وسقطت طائرة رابعة في مدينة (بتسبرج) الأمريكية.

وبالرغم من أن كثيرًا من شركات الطيران تسعى إلى مضاعفة طاقتها الاستيعابية لتحميل أكبر عدد ممكن من المسافرين على خطوطها، إلاّ أن أول حادث طيران سجّل بتاريخ 30 يونيو 1956م والذي قُتل فيه عدد (128) مسافرًا، وذلك عندما تصادمت طائرتان تابعتان لشركات الطيران الأمريكية، وسقطتا في شمال ولاية (أريزونا) الأمريكية، ويرجع ارتفاع عدد الضحايا إلى العدد الكبير من المسافرين الذين كانوا على متن الطائرتين، وقد احتل عام 1996م المرتبة الأولى في حوادث الطيران بعدد (1840) قتيلاً، وذلك خلال العقد الماضي.



أسوأ كوارث الطيران



شهد عام 1977م أسوأ كوارث الطيران في جزر (الكناري) ب (أسبانيا) حيث انفجرت قنبلة في إحدى الطائرات، مما أدى إلى سقوطها على مدينة (تنزيف)، وأدى سقوطها في المدينة المذكورة لوجود طبقة من الضباب إلى تصادم طائرتان كبيرتان من نوع إيرباص موديل (747) على أرض المطار، وإحدى هاتين الطائرتين كانت في حالة استعداد للإقلاع، والأخرى كانت بصدد التوقف في المكان المخصص لها، وقد بلغ عدد القتلى (583) من كلا الطائرتين، ونجا (61) راكبًا من الحادث.
وتُعتبر أسوأ كارثة طيران هي التي حدثت لإحدى طائرات الخطوط اليابانية في اليابان، وكان ذلك في عام 1985م، حيث أقلعت طائرة البوينج (747) التابعة للخطوط اليابانية الدولية في رحلة داخلية إلى مدينة (أوساكا)، وبعد إقلاع الطائرة بعشر دقائق لاحظ ملاحوها انخفاض الضغط داخل الطائرة، فقاموا بإبلاغ برج التحكّم بعدم قدرتهم السيطرة على الطائرة، وبعدها تحطّمت الطائرة في منطقة شجرية تبعد مسافة (110) كلم شمال جنوب اليابان، وعلى ارتفاع (1500) متر، وعند سقوط الطائرة اشتعلت النيران فيها، وقد بلغ عدد الضحايا (520) راكبًا لقوا حتفهم في هذا الحادث، ونجا (4) ركاب فقط كانوا جالسين في الصف رقم (54)، ويرجع ذلك إلى وجود أمطار غزيرة وضباب، وسوء الأحوال الجوية، كما أدّى حلول الظلام إلى تأخّر وصول الإنقاذ والدفاع المدني لمكان الحادث أكثر من (15) ساعة، وبعد التحقيق وانتشال بعض القطع من ساحل (ساجماي) تبين أن هناك خطأً مصنعيًا.



الطيران والحوادث الإرهابية

وقع عدد كبير من حوادث اختطاف الطائرات خلال ال (35) سنة الماضية، ولكن من أسوأ هذه الحوادث أو الكوارث هي أربعة حوادث، والتي تمّت باستخدام المتفجرات، وبلغت حصيلة هذه الحوادث (884) نتيجة انفجار وتحطّم هذه الطائرات حسب سنة الحادث، والخطوط التابعة لها الطائرة، ونوع الطائرة، وعدد الوفيات.

وقد تم إعلان اختطاف طائرة من نوع (بوينج 737) في رحلة داخلية عندما حطّت الطائرة في إحدى مطارات الصين الداخلية، وسُمع صوت مشاجرة غريبة في قمرة القيادة أدّت تلك المشاجرة إلى انحراف الطائرة عن مسارها، مما أدى إلى الاصطدام بطائرة متوقفة أثناء تزويدها بالوقود، وفي الوقت نفسه صدمت ذيل طائرة أخرى كانت في حالة تأهّب للطيران، ونتج عن ذلك وفاة (84) من ركاب الطائرة الأولى، بالإضافة للخاطفين، و (47) من ركاب الطائرة الثانية والبالغ عددهم (104)، ولقى طاقم الطائرة حتفهم بالحادث، كما لقي أحد قائدي سيارات الخدمات حتفه في هذا الحادث أيضًا، بالإضافة إلى إصابة (50) راكباً بإصابات طفيفة وبليغة، زيادة على ذلك تحطمت الطائرتان الأولى والثانية، واشتعلت النيران فيهما، وقد قامت السلطات الصينية بالتحقيق بالحادث، وتبين أن البرج قد أخطأ عندما سمح لإحدى الطائرات بالإقلاع بينما كانت هناك طائرة مخطوفة في المطار.

وفي عام 1996م، تم الإبلاغ عن اختطاف طائرة أثيوبية في المحيط الهندي (مدغشقر) أثناء طيرانها من (أديس أبابا) إلى (نيروبي كيني)، وقد حدثت مشاجرة بين المختطفين وطاقم الطائرة المكون من (12) شخصًا، أدى إلى سقوط الطائرة في البحر، ونتج عن الحادث وفاة (127) راكبًا.

وشهد عام 2001م أشهر أربع حالات اختطاف طائرات في فترات متقاربة جدًا، وهي:

اختطاف طائرة (767) تابعة لإحدى شركات الطيران العاملة بالولايات المتحدة الأمريكية، وكانت في رحلة داخلية من مدينة (بوسطن)، وتم اختطافها وإرغامها على الاصطدام بمبنى التجارة العالمي في مدينة (نيويورك)، وقد قتل في الحادث جميع الركاب والبالغ عددهم (92) راكبًا، إضافة إلى مقتل الخاطفين والبالغ عددهم (5)، وفي رحلة أخرى أيضًا كانت داخلية من مطار (دالاس)، أُرغمت الطائرة على الاصطدام بمبنى البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) قريبًا من العاصمة (واشنطن)، وقتل في الحادث جميع ركابها والبالغ عددهم (64) راكبًا، إضافة إلى مقتل الخاطفين الخمسة، وشهد أيضًا الطيران المتحد (757) وهي إحدى الشركات التي تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية اختطاف طائرته التي كانت في رحلة داخلية من مدينة (نيويورك) تحطّمت قبل أن يتم إرغامها من قِبَل مختطفيها، وذلك نتيجة المشاجرة التي تمت بين ركابها والمختطفين، مما أدى إلى سقوطها في إحدى المناطق المزروعة وقد قتل في هذا الحادث جميع الركاب والبالغ عددهم (45) راكبًا إضافة إلى المختطفين الأربعة.

وفي عام 1983م، تم إسقاط الطائرة الكورية (747) من قِبَل سلاح الجو الروسي، وقد قُتل فيها جميع ركابها البالغ عددهم (269) مسافرًا، وفي عام 1988م، تم إسقاط الطائرة الإيرانية (إيرباص) من قِبَل سفينة أمريكية كانت في مهمة في مياه الخليج العربي، وقد قُتل فيها جميع ركابها البالغ عددهم (290) مسافرًا، إضافة إلى أن أحدث هذه الكوارث هي التي كانت في عام 2001م عندما تم إسقاط طائرة تابعة للخطوط المصرية من قِبل القوات الأوكرانية أثناء عمليات تمارين حربية، مما أدى إلى سقوطها في البحر الأسود وقُتل جميع ركابها ال (78) راكبًا.


حوادث طيران نتيجة تصادم بالجو


من أسوأ كوارث الطيران تلك التي حدثت في عام 1996م بالقرب من مدينة (دلهي) بالهند، حيث كانت طائرة الخطوط الجوية السعودية من نوع (بوينج 747) قد أقلعت من مطار (دلهي) وتم إعطاؤها الضوء الأخضر من برج المراقبة للارتفاع إلى (14000) قدم، وفي الوقت نفسه تم التصريح للطائرة التابعة لخطوط (كازاخستان) المتوجهة إلى مطار (دلهي) بالانخفاض لمستوى (15000) قدم، مما أدى إلى تصادم الطائرتين، وقد قُتل في هذا الحادث جميع ركاب الطائرتين والبالغ عددهم (349) راكبًا، حيث كان في طائرة الخطوط الجوية السعودية (312) راكبًا، بينما كان على طائرة خطوط (كازاخستان) (37) راكبًا.


حوادث طائرات المسؤولين والمشاهير

وأشهرها في السنوات الأخيرة ربما حادثة طائرة (جون قرنق) النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية، ورئيس حكومة الجنوب حيث فتحت هذه الحادثة ملفات حوادث طائرات المسؤولين والمشاهير، وفي هذا الملف نجد حوادث عديدة راح ضحيتها شخصيات مهمة، وتعددت أسبابها ما بين أعطال فنية، أو سوء الأحوال الجوية، أو عمليات تخريبية. وقالت (كمبالا) إن الطائرة التي استقلها (جون قرنق) اشترتها (يوغندا) من شركة (كازان) الروسية لصناعة المروحيات عام 1997م، وهي واحدة من بين (12) ألف مروحية من هذا النوع تعمل على نطاق العالم وبثلاثة طرازات تعتبر (Mi-173) أكثرها تطورًا.

وشهد السودان تحطّم عدة طائرات عسكرية منذ عام 1998م، ففي فبراير 1998م تحطّمت طائرة عسكرية في ولاية (أعالي النيل) كانت تقل النائب الأول للرئيس البشير آنذاك الفريق (الزبير محمد صالح)، والذي قتل مع مجموعة من العسكريين والمدنيين وصل عددهم إلى (20) شخصًا.

وفي يونيو عام 1999م، أدى عطل فني إلى تحطم طائرة عسكرية في ولاية (كسلا) شرقي السودان، مما أدى إلى مقتل (50) شخصًا بينهم ستة ضباط، وفي أبريل 2002م استشهد العقيد (إبراهيم شمس الدين) مساعد وزير الدفاع في تحطم طائرة عسكرية نتيجة عاصفة رملية، كما نتج عن الحادث مصرع (14) ضابطًا، من بينهم مساعد الوزير حينها، وفي 26 يوليو سقطت طائرة هليوكبتر روسية الصنع من طراز (إم 17) بمنطقة (دوماية) غربي مدينة (نيالا)، مما أسفر عن مقتل (19) عسكريًا كانوا على متنها، وذكر أن سبب سقوطها جاء نتيجة سوء الأحوال الجوية، أما بالنسبة للحوادث المدنية، فيُعدّ سقوط طائرة الخطوط السودانية (بوينج 737) في يوليو 2003م قرب (بورتسودان) الأسوأ إثر تعرضها لخلل فني، حيث راح ضحية الحادث (115) شخصاً ولم ينج من الطائرة إلا طفل واحد، كما لقي (13) شخصًا مصرعهم عندما انفجرت في الجو طائرة شحن من طراز (أنتونوف) بينما كانت تستعد للهبوط في مطار (وار) في شهر نوفمبر 2003م.

أما في شرق أفريقيا، فيعدّ سقوط طائرة تقل رئيس جمهوريتي (بوروندي، ورواندا) (جوفينال هابيار يمانا، وسيبرين نتاريميرا) ومقتلهما في 6 أبريل 1994م فوق سماء (كيغالي) الأهم في حوادث الطيران في القارة، حيث نشبت على الفور حرب أهلية عنيفة وواسعة النطاق في البلدين.

وكذلك لقي أمين عام منظمة الأمم المتحدة (داغ همرشولد) مصرعه في حادث تحطّم طائرة في العام 1961م، أثناء مهمة للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار في (الكونغو).

وعربيًا نذكر مصرع وزير الدفاع العراقي الأسبق (عدنان خير الله) في 5 مايو 1989م في حادث تحطّم طائرة مروحية في منطقة بدوية نائية شمال (بغداد)، الأمر الذي اعتبر حينها مؤامرة وراء مقتله من قِبَل ابن اخته الرئيس العراقي السابق (صدام حسين) الذي أرسله على متن المروحية إلى الشمال ليتخلص منه، كذلك في 13 أبريل 1966م كان الرئيس العراقي الأسبق (عبدالسلام عارف) يقوم مع عدد من مرافقيه ووزرائه بزيارة تفقدية لمحافظة البصرة، عندما سقطت طائرته الهليوكبتر إثر هبوب عاصفة رملية، كما أُذيع حينها، ولم يستطع أحد حتى يومنا هذا كشف لغز سقوط طائرته الهليوكبتر، لكن أصابع الاتهام وجّهت إلى إحدى الدول العربية القريبة من المنطقة، كما شهدت مصر كوارث عدة للطيران، منها لمشاهير، كسقوط الطائرة الليبية في سيناء بواسطة الطائرات الإسرائيلية، وكانت تحمل المذيعة التليفزيونية الشهيرة (سلوى حجازي)، ثم واقعة سقوط طائرة المروحية للفريق (أحمد بدوي) وزير الدفاع المصري ومجموعة من العسكريين، كما لقي فريق مصر القومي للسلاح الذي كان وقتها يضم أفضل لاعبي العالم مصرعه في حادث سقوط الطائرة التي كان يستقلها الفريق وعددهم سبعة لاعبين عام 1958م، وهو في طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية قرب سواحل (إيرلندا)، كما لقي بطل المصارعة الحرة المصري (إبراهيم بدر) مصرعه في حادث سقوط طائرة ليبية بمطار (طرابلس) عام 1971م.


الأسباب الشائعة لكوارث الطيران


يتفق خبراء الطيران على أن لكل حادثة أسبابها، وليست هناك قاعدة للأسباب التي تتسبب في الكارثة، فهناك أعطال فنية وأخطاء بشرية وأسباب جوية، وفي معظم الحوادث التي تقع يسعى المحققون إلى معرفة الأسباب الاحتمالية التي أدت إلى الكارثة في ظل توافر العوامل التي تساعدهم على الوصول إليها، وعندما يفشل المحققون في الوصول إلى الأسباب الحقيقية فإن ذلك يرجع إلى عدم توفّر الأدلة التي تساعدهم على كشف الحقيقة.

وبالنسبة للظروف الجوية فالاتفاق تام على أن نسبة الأحوال الجوية في حوادث الكوارث الجوية قليلة جدًا حاليًا، بعد تقدم الأجهزة الخاصة بالتنبؤات الجوية، حيث يتم تقديم رصد جوي لكل رحلة جوية تشمل الأحوال الجوية المتوقعة خلال رحلته وتجدد كل (30) دقيقة وتبلغ لقائد الطائرة أثناء الرحلة من خلال أحد أجهزة الطائرة، لذلك فإن عوامل الجو تمثّل أقل الأسباب، في حين تزيد نسبة العامل البشري في الكوارث الجوية لتصل إلى 72% من خلال الخطأ البشري سواء في القيادة، أو الصيانة، أو المراقبة.
وبالنسبة للظواهر الجوية التي تتسبب في الكوارث، فإن العواصف الرعدية تمثّل العدو الرئيس للحركة الجوية، وبخاصة عندما تحدث بشكل مفاجئ لم يتم التنبؤ به، وهذا ما يعطي للطائرة الأولوية للهبوط في أي مطار قريب قبل التعرُّض لمخاطر هذه العواصف.

ومن الأسباب الشائعة لتحطّم الطائرات زيادة حمولتها المقررة لها بشكل كبير، فقد بيّنت التحقيقات التي أُجريت على عدد من الطائرات التي تحطمت أن الأسباب المرجحة لتحطمها هو تحميلها وزنًا زائدًا يفوق الثمانية أطنان،
ومن المعروف أن الحمولة على متن الطائرات ثلاثة أنواع:

1. الوقود 2. الركاب3. البضائع

وكل طائرة لها حدّ أقصى وحدّ أدنى من الحمولة، فإذا كانت رحلة الطائرة قصيرة لا تكون خزانات الوقود مليئة، وبالتالي يمكن زيادة الحمولة في الركاب، أو البضائع ضمن الحد الأقصى، إلاّ أنه من الخطر زيادة الحمولة في الرحلات الطويلة، حيث إن الخزانات مليئة بالوقود، فعلى سبيل المثال في طائرة من نوع (727) ذات المحركات الثلاثة في الخلف وأثناء قيامها برحلة طويلة لا يمكن تحميلها إلى الحد الأقصى المسموح به، لا من حيث الركاب ولا البضائع، وهو أمر تتغاضى عنه بعض الشركات، وبالتالي يؤدي إلى تحطّم الطائرات، يضاف إلى ذلك العشوائية في توضيب الحمولة.

ويُعيد خبراء سلامة الطيران نسبة 50% من حوادث الطيران إلى العامل البشري بسبب عدم كفاية المهارة والخبرة لدى الطيارين، ويؤكدون أن مستوى وحجم أعداد القادة الطيارين في المؤسسات التعليمية التابعة للطيران المدني لا يتطابقان مع احتياجات شركات الطيران، مما يتعيّن معه اتخاذ إجراءات ضرورية رامية إلى إتقان الأمور التدريبية.

وجاهزية المطارات تتحمّل جزءاً من أسباب كوارث الطيران، وخصوصًا في حالات تحطّم الطائرات عند إقلاعها من المطارات، فقِصر طول المدرج سبب، ووجود أي جسم غريب على أرض المدرج كفيل بتحقيق كارثة، كما حدث لطائرة (الكونكورد) الفرنسية الشهيرة عام 2000م، إذ أثبتت التحقيقات أن كارثتها عند إقلاعها من المطار كان سببه وجود قطع زجاج مكسّر على أرض المدرج أدت إلى تفجير إحدى العجلات في الطائرة، وهو السبب نفسه الذي أدى إلى تحطم طائرة (بوينج 707) التابعة للخطوط الفرنسية عند إنطلاقها على مدرج مطار (جواديلوب) في شهر يونيو 1963م، إذ احترقت الطائرة بعد سيرها على المدرج بقليل وقتل (113) راكبًا على متنها، وتبين من التحقيقات أن السبب هو وجود عدة مسامير أهمل عمال التنظيفات إزالتها عن المدرج. ويُقال إن الطيور هي أحد أسباب كوارث الطيران، حيث تجذب مراوح الطائرات أسراب الطيور القريبة من الطائرة وتشفطها إلى داخل المحركات، مما يؤدي إلى تحطم هذه المحركات.



ويبقى السؤال إن كانت الكوارث هي قدر الطائرات وما يتبع هذه الكوارث من ضحايا؟ هل السفر عبر البرّ أو البحر أكثر أمانًا من السفر عبر الجو؟


في الواقع الجواب بالنفي، فضحايا حوادث السير تفوق نسبتهم نسبة ضحايا كوارث الطيران (1500%) بشكل وسطي سنويًا في العالم، ولكن كما قلنا إن حوادث وكوارث الطيران تحظى بنشر وتهويل إعلامي لها، مما يوحي بأن الكوارث المواصلاتية تتعلق بالطائرات فقط، بينما كوارث القطارات في الهند بلغت الآلاف خلال عدة سنوات، وتصادم القطارات مع بعضها يؤدي سنويًا إلى آلاف الضحايا، وهذا يعني في المحصلة أن ضحايا كوارث الطيران هم الأقل بالنسبة لبقية وسائل النقل، وبالتالي لا قلق من السفر بالطائرات



مقال للأستاذ / ماهر محمد مصطفى - منشور في مجلة كلية الملك خالد العسكرية في العدد 90

[myj400]

يعطيك العافيه على هذا الموضوع الدسم والمفيد فقد احسنت الاختيار

[X_MIDO]

الله يعطيك العافية على الموضوع الحلو هذا .

[mechanic]

5\5

يعطيك الف عافية كابتن صقر

ومشكور على النقل

موضوع أكثر من رائع

ومرجع لتاريخ حوادث الطائرات المشهورة


تحياتي لك

mechanic

[commander-plane]

مشكووووووووووووووووووور

[ChE lOrD]

مشكور أخوي على الموضوع الرائع

[momo_2010_2015]

شكرا لك اخي علي المجهود

[serag eldin]

مشكووووووور على جهدك الرائع
الى الامام دائما
تقبل تحياااااااااااااااااتى

[طيار سما]

والله الحوادث كثرنا مدري ليش بس مخيفة الله يطول عمرك وعمرنا مشكور أخوي........

[CN235 PILOT]

يعطيك الف عافية كابتن صقر

ومشكور على النقل

موضوع أكثر من رائع

ومرجع لتاريخ حوادث الطائرات المشهورة


تحياتي لك

[imloveegyptair]

مشكور علي الموضوع الجميل