[First Officer]

إلى صديقي خالد الملحم

نجيب الزامل
صديقي خالد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لا، لم أكتب هنا كي أنكأ جراحاً فوق جراح، ولم آتِ هنا بسكين حادة من الكلمات تأهبا للذبح النقدي، ولم أكتب إليك لأقول لك: ارحلْ. بل كي أقول لك: ابقَ!

أن تبقى ولكن..

دعنا نكشف عن واحد من آلامنا التي نسببها لأنفسنا، دون داع، وحذار أن نلوم أحدا، وأن نعلق الأخطاء على أحد، وأن نبرر ما دامت إدارتنا لأمورنا تحمل نذر إخفاقات، حتى لو لم تحصل؛ نقول دائما إننا محسودون على النعمة ومعرضون للحسد، وكلامٌ والله يسيء إلينا كسعوديين، ونستحيي من تكراره، أتعرف لماذا يا أخي؟ لأننا يجب ألا نقف كالمعجب المزهو بنفسه أمام المرآة يرى نفسَه قمة الكمال والجمال بينما الجميع يرفضون.. حتى المرآة. حقيقةٌ يجب أن نواجهها؛ إن لم نجعل نحن وجوهَنا جميلة فلا حق لنا بأي حال اتهام الآخرين بذمنا، وحتى لو كان ذلك منهم من سوء الأدب!

لا ينفع يا صديقي خالد أن تغادر مكانك، لأن لا شفافية في الأمر تحكم أنك وراء كل الأخطاء، ودون شفافية ولا أدلة يعاف المنطقُ العاقل، والعقلُ العدلي أن يثبت أي تهمة، ولا أحكم عليك يا صديقي، فمن أنا؟ وما عندي من الأدلة التي تحكم؟ ولكني على يقين أن الخطأ الجسيم الذي وقع في مطار الحجاج بجدة قد نالنا في مطعن، وكانت الطعنةُ حارة ومؤلمة من سكين صدئٍ مثلومٍ، أوجعتنا كلنا كسعوديين، أشد مما توجّع الحجاجُ المتروكين على أرصفة المطار بعد عناء ليشتد العناء والمكابدة..

إن إدارة المسألة كلها خاطئة، سواء أكان الخطأ من شركات الحج، أو من هيئة الطيران المدني، خطأٌ خلق أزمةً تتعاظم ككرة مشاكل متدحرجة بسرعة الصوت، فبان أمرٌ آخر هو كالعورة في مناسبة كهذه: الغياب التام لإدارة الأزمة. المعيبُ أكثر.. أن موظفي الخطوط – وربما عن غير قصد لأن لا أنظمة وإجراءات بديلة يتبعونها لتخفيف الثقل الذي يضغط على أعصابهم، تأزّموا قبل الآخرين.. ليصبح المشهدُ مستنقعا الكل فيه غارقون.

إني أطلب منك البقاء يا صديقي خالد لا الرحيل.. لأني أيضا لا أملك دليلا أنك إنْ رحلتَ سيأتي من سيحل المشكلة. تعاقب على خطوطنا السعودية مديرون، والحال مثل من يجر ثقلا يبلغ طناً على حافة جبل ووزنه لا يتعدى الكيلوجرامات، فالمسألةُ حتميةٌ إذن، إنها مسألة وقت متى يقع.. وواضح من البداية أن لا شيء ممكنا سينقذه من السقوط!

أسألك يا صديقي ألا ترحل.. بل عليك أن تفكر من جديد. إنك الآن بعد هذه السنوات كتنفيذي أول في خطوطنا الوحيدة التي لا يشفق عليها أحد لكونها يتيمة فهي التي أصرت على اليتم، واليتم المقصود في لغة الاقتصاد الكلي هو "الاحتكار". إنك يا صديقي تدفع ثمنا هائلاً للاحتكار المتجاوز، لأنه بالمنطق الأولي، بل البدائي، لا يجادل أحدٌ أن فرداً من أي شيء قادرٌ وحيداً على تحمل كل شيء.. الخطوط السعودية تذبح نفسَها ليس بسكين الفساد، ولا سوء الإدارة، ولا التخبط في مرور القرار، ولا ما لا يعلن من ضغوط على عنق المسؤول التنفيذي الأول مباشرة، ولكنها تذبح نفسها بالإصرار على حمل ما لا تحتمل، كأسطورة الإله الإغريقي "أطلس" الذي عاقبة "زيوس" رئيس الآلهة بعقابٍ أبدي، وهو حمل الأرض على كتفه إلى الأبد.

إنك الآن تعرف منشأتك أكثر يا صديقي، وتعرف دخائلها أكثر، وتجس نبضها الداخلي أكثر، وأقول بقوة لو أتوا بأكبر رأسٍ في إدارة الطيران فلن ينجح في نقل "السعودية" من عثراتها، لأن الخطأ بالداخل وليس في الخارج، إن الجرّاحَ عندما يستأصل ورما من الداخل يمضي شهورا أحيانا ليتعرف على حجم ونوع والورم، وتركيب أنسجته، ومواقع انتشاره، وقوة تأثيره في الأعضاء المجاورة.. ولو أتينا بأمهر جرّاحٍ من أكبر معاهد الدنيا وطلبنا منه أن يستأصل ورما من مريض في الحال لرمانا بالجنون.. إلا إن وافق، فهو يشارك إذن بالجنون.

عليك يا صديقي أن تقول إن الأمرَ من الممكن حله ولكن هناك أخطاء - حتى لو كانت أكبر منك - ويجب أن أقف لأصلحها بإقناع مصادر الأخطاء "أيّا كانوا" بأن المسألة تعدت مسألة شركة إلى سمعة وطن كامل.. ارمِ أمامهم يا صديقي ما كتبتْ عنا صحف مصر، والجزائر، وحتى شقيقتنا الإمارات.. لو كنتُ واحدا من منتمي تلك الدول لربما طعنت في أهلية إدارة الحج، فهل هذا يجوز؟ هل يجوز أن تضيع القدرة الإدارية في إدارة الحجيج والمعتمرين التي تشهد بها إدارة الجموع بسبب شركة، أو هيئة، أو شخص؟!

خذ اقتراحاً لي يا صديقي ولا - طبعا - أراه خياراً وحيداً، وإنما ما يجود به عقلٌ محدودٌ بقلب يحمل حباً غير محدود: لم لا تطالب، وسنقف معك أو من سيوافق على الاقتراح، بأن تكون هناك خطوط مستقلة فقط لنقل الحجاج، مع مطار مجهز وحديث ومناسب قرب مكة لفك الاختناق عن مطار جدة الذي صنعنا منه لأنفسنا عنق زجاجة بالغة الضيق.. وندعو لأكثر من ذلك، بأن يُفتح المجالُ للدول العربية والإسلامية للمشاركة في هذه الخطوط المستقلة.. ويوضع عليها أفضل مديرين بمسابقةٍ عالمية، وتوكّل عليها أقوى دور المراقبة وضبط الأداء.. ثم بعد ذلك، حتى لو - لا قدر الله - حصل شيء، فلسنا وحدنا الملومين!

لذا أطلب منك البقاء يا صديقي خالد، إن أي رحيل لك دون أن يتحسن وضع الخطوط، مهما أبديت من أسباب، فلن يصب في مصلحة سيرتك الذاتية.

https://www.aleqt.com/2011/09/03/article_575995.html

[فاهم]

عجبني كلام الكاتب يعني راح وجه كلام للمهندس خالد الملحم بكل احترام وطلب من الشفافيه وكشف الحقائق
اهنيه على مقاله
ومشكور اخوي على نقل الخبر

[WILLY WALSH]

يا ليتك يا خالد تقرأ !!

[البتار]

انا ما عمري كتبت هذا البيت ولكن الآن سأكتبه .. لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

[THE LORD KSA]

مقاله جميله جدا جدا
وضح المشكله وبان الخلل واعطي الحل

كلمات رائعه جدا وفكرة شركة طيران خاصه بالحجاج فكرة لامعه

تحياتي وتشكر اخوي فرست اوفسر على نقلك للمقالات الرائعه

[panther]

مقالة جيدة حتى من عنوانها (صديقي الملحم) كذا يكبر راسه اكثر من كذا