[kuwaity_pilot]

كان الطيران فيما مضى متعة. ولعل معظم القراء لا يتذكرون تلك الأيام. تلك الأيام التي كان المسافرون فيها يعتبرون السفر بالطائرة رحلة عجيبة وتجربة غريبة والتي ولت إلى غير رجعة.
هل تتذكرون تلك الأيام التي كان فيها للحقائب أربطة، والتي لم تكن العربات التي تجر الحقائب قد اخترعت بعد؟ وعندما كانت المضيفات يتمتعن ببريق ورونق خاصين وكان الركاب مدللين؟ لعلكم لا تذكرون، لكن اليوم أصبح الأمر كله يدور حول اخدم نفسك بنفسك وإلا ستموت.
وربما تكون هناك مشاعر مختلطة بشأن الأنباء التي تقول ان الخطوط الجوية البريطانية (بريتيش ايرويز) ستلغي الوجبات المجانية على رحلاتها للمسافات القصيرة، باستثناء وجبة الافطار قبل الساعة العاشرة صباحا. الحمدلله على النقانق البريطانية. ان سندويشات الجبنة عسيرة الهضم في وقتنا الحاضر نادرا ما تكون سببا يستحق أن تركب الطائرة من أجله. كما أن الأصابع المملحة والماء تعتبر بديلا بائسا (أما الفول السوداني فمستبعد تماما بسبب الخوف من الاصابة بالحساسية).
والمعاناة موجودة في الدرجة الأولى أيضا. إذ عملت بريتيش ايرويز على الغاء شرائح الخبز بالجبن والسلمون وغيرها (الكانيبي) والشوكولاتة في الوجبات الثانية على رحلاتها بين القارات. ولا شك أن هذه الوجبة سيتم الترويج لها على أنها خيار لتناول «طعام صحي» لكنها تبدو وكأنها أقصى درجات الإهانة. فما الفائدة اذا من اسدال الستائر لفصل الدرجات بعضها عن بعض إذا لم يتبق شيء لمسافري الدرجة الرخيصة كي يحسدوهم عليها؟
وربما حان الوقت للمسافرين للانتقام. فرائحة الهامبورغر المشبعة بالدهون وحلقات البصل المقلية التي تتسلل عبر الطائرة واقع سيئ للغاية في العديد من الرحلات الاميركية. وليس أمام اوروبا فترة طويلة لتلاقي المصير ذاته (على الرغم من ان البلجيكيين ربما يفضلون الوافل).
لكن ربما عليك التفكير قليلا في معضلة شركات الطيران. اذ كيف يمكن لها ان تعمل على خفض تكاليفها اذا كانت تغرق في عجز مالي ولا تزال تقنع المسافرين من رجال الأعمال على دفع علاوة اضافية نظير الخدمة المميزة؟ ومن ذا الذي لديه استعداد للسفر على الدرجة الأولى اذا لم تقدم الشركة الكانيبي؟ لاسيما عندما تفوح رائحة البطاطا المقلية من الدرجة السياحية؟
في زمن الاتحاد السوفيتي قدمت شركة ايروفلوت الحل، وهو احتقار جميع الركاب على حد سواء، اذا كانوا جميعهم يحصلون على كأس من عصير الليموناضة الخضراء وكان اول من يغادرها فور هبوطها هو طاقم الطائرة وقبل الركاب، لا شك خوفا من ان يقوم الركاب بخطفهم واعدامهم.
وربما يكون هناك حل آخر وهو الحجز في رحلة الى الفضاء على متن فيرجين جلاكتيكا. لكن حذار، فالفراولة المجففة المجمدة لا يمكنها ان تنافس الشوكولاتة البلجيكية الرائعة.


المصدر: القبس