البداية > الخطوط الجوية  
 الأقسام
 

 

لماذا يحس بعض المسافرين أنهم في سجن أبدي؟

14 ساعة متواصلة من الطيران دون توقف يمضيها المسافر في رحلة من الكويت الى مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الاميركية على متن الخطوط الجوية الكويتية رحلة رقم KU117/ 8

وهناك رحلات اخرى متواصلة بالمدة الزمنية نفسها لشركات طيران اخرى، وجميعها يمضي الركاب على متنها مدة زمنية طويلة هي اكثر من نصف يوم بقليل، يقطعون خلالها قارات ويجتازون محيطات وبحارا. (تصور المدة الزمنية كيف ستكون اذا ما تم قطع تلك الرحلة على متن باخرة او وسيلة نقل اخرى غير الطائرة). يتمدد الوقت في ذلك النوع من الرحلات، كالتالي: يزداد اليوم طولا اذا ما كان السفر من الشرق الى الغرب. ويتعاقب الليل احيانا مرتين نظرا لاختلاف الوقت من قارة اميركا عن باقي القارات الاخرى، في الرحلات من الغرب الى الشرق، فيصاب الراكب بتأثير السفر واضطراب الساعة البيولوجية او بما يسمى JET - LAG، حيث يظل الراكب يعاني منه احيانا لمدة ايام بعد انتهائه من رحلته الطويلة.

ولكن ينبغي لنا الرجوع بالتاريخ كي نستعرض كيف كان يمضي المسافرون الاوائل رحلاتهم الجوية؟

 

 

سفن جوية فخمة

لقد سبق المنطاد (السفينة الجوية) - Airship الطائرة بقرنين من الزمن في نقل الركاب وارتياد الانسان الجو، وفي الفترة بين اواخر القرن الثامن عشر وحتى الثلاثينات من القرن الماضي كان المنطاد هو الناقل الجوي الرئيسي لأفواج من الناس، حيث بلغ تعداد الركاب على متن اكبر واشهر فئة من المناطيد، وهو «زيبلن»، الالمانية 75 راكبا يخدمهم 25 ملاحا، يمضون في رحلتهم لعبور الاطلسي اسبوعين من التحليق المتواصل متمتعين بكبائن فسيحة ذات رحابة وفخامة تشبه تلك التي في السفن البحرية ذات الفئة النخبوية من الناس. وكان لكل اسرة او لكل راكب واحد مقصورته الخاصة به، مزودة بسرائر وانظمة تدفئة، ناهيك عن الصالون المزود بالبيانو وطاولات الطعام والذي تطل من خلال نوافذه الكبيرة على المناظر الخارجية هذا اضافة الى شرفات مزودة بمقاعد، كل هذا كان يضيف متعة للركاب في رحلتهم الطويلة والأهم يقضي على الملل.

عصر الطائرات


بعد ظهور الطائرات وما تمتعت به من سرعة في اختصار الوقت وقطع المسافات الشاسعة، تبددت تماما تلك الصورة الرائعة التي كان يتمتع بها مسافرو المناطيد، واختفت الى غير رجعة بعد حادثة احتراق منطاد «هندنبيرغ» الشهيرة وما بينت خلالها من عيوب في المناطيد ومحدودية سلامتها للملاحة. فحلت محل القمرات الفسيحة والرحبة المزودة بالشرفات في المناطيد، قمرات مغلقة ذات نوافذ صغيرة جدا ومساحة الكبينة باتت ضيقة المساحة وبالطبع لا توجد شرفات نظرا لاختلاف ميكانيكية طيران الطائرة عن تلك التي للمنطاد.

ومع ظهور الدفع النفاث، ازداد الارتفاع عما كان في السابق، مما تطلب كابينة ركاب مكيفة الضغط بسبب انخفاض كثافة الهواء كلما ارتفعنا الى الأعلى. وبالتالي زاد ذلك من انغلاق الكابينة وشعور الركاب بعدم التواصل مع المحيط بهم، وكثير منهم أصبح يعاني من الشعور بالملل وشبه الاختناق النفسي، وليس هناك ما يتعلق بالجهاز التنفسي (الا ان البعض يشعر بهذا الشعور نتيجة الحالة النفسية التي سبق ذكرها).
 

 

المضار الصحية للرحلات الطويلة

برزت أمور عدة تضر بالمسافرين على الخطوط الطويلة التي تتجاوز فيها الرحلة 8 ساعات طيران، وهذا ما جعل العديد من المختصين بمجال الطيران التنبيه عن خطرها وتوعية المسافرين جواً. فعلى سبيل المثال، لو لاحظنا الراكب على الدرجة السياحية وهي الدرجة الأكثر عدداً واستخداماً من قبل المسافرين جواً، فإنه يجلس على مقعد لا يكون مريحاً في الغالب، ولا تكون المساحة الفاصلة بين المقاعد مناسبة ورحبة بل على العكس من ذلك تكون في الغالب ضيقة ولا تسمح احياناً للراكب بمد رجليه بين الحين والآخر، ويسبب الجلوس لمدة تتجاوز 6 ساعات متواصلة تخثراً بالدم قد يؤدي الى حدوث الجلطات نتيجة عدم تحرك الراكب كفاية، ناهيك عن الاصابة بمرض الديسك والبعض قد يعاني من آلام في المنطقة السفلية من الجسم والخدر والخمول. أما الهواء فإنه لا يكون صحياً بما فيه الكفاية على الرغم من أجهزة تدوير الهواء على الطائرات، وان كان قرار منع التدخين على متن العديد من الناقلات الجوية قد خفف من هذا الأمر كثيراً، فهو بالفعل قرار حكيم ولكن ليس عملياً. فالامتناع عن التدخين لبعض الركاب يسبب لهم توتراً وصداعاً ناهيك عن العصبية في المزاج وكان الأجدر تخصيص ممر في ركن خلفي من الطائرة للتنفيس ولو بسيجارة واحدة للرحلة الواحدة والتقيد بالقوانين التي تراعي غير المدخنين وعدم ازعاجهم (ملحوظة: الكاتب ليس من المدخنين).

كما ان هناك خطراً آخر لم يتم ايجاد حل له حتى هذه الساعة، وهو المتمثل بالتعرض للأشعة الكونية خصوصاً على الارتفاعات التي تتجاوز 30 الف قدم والخطوط الطويلة فوق المحيطات وفوق القطب المتجمد الشمالي، وقد بينت الدراسات ان الطيران لمدة 4 ساعات توازي التعرض الى عمل صورة كاملة للصدر بواسطة أشعة اكس.

الجانب النفسي

بمجرد اقلاع الطائرة وبدء تطوافها على ارتفاع معين في خط مستقيم، تبدأ معها الرحلة الطويلة، قد يجد بعض الركاب أنفسهم (خصوصاً اولئك الذين يسافرون لوحدهم) معزولين عن الأرض في ملكوت آخر. فالراكب الجالس بقربهم لا يعرفونه وقد لا يجدونه مسلياً أو مرحاً، والطاقم الجوي مشغول بالخدمة، أما أجهزة الترفيه فقد لا تكون صالحة للعمل احياناً، ولا يمكن النوم في رحلة جوية لتغير المكان بالنسبة للبعض منهم، و«آخ.. نسيت ان أحضر معي كتاباً لأقرأه..» وهنا يبدأ الشعور بالملل وربما يتحول الى خوف من الطيران تدريجياً، نتيجة كل الأمور السابقة وهلم جرا تبدأ الأمور بالاستياء، وقد يدمن البعض على المسكرات أو المخدرات ظناً منهم ان هذا الاجراء هو الحل الناجح لقتل الوقت على تلك الرحلات الطويلة، وهم يجهلون بذلك انهم يقتلون أنفسهم ببطء.

 

ما الحلول لذلك؟

بعد خروج الكونكورد من الخدمة وهي التي كانت أسرع طائرة نقل للركاب في العالم (ضعفي سرعة الصوت) حيث كانت تختصر الرحلات عبوراً ما بين القارات، الى اقل من نصف الوقت بالنسبة للطائرات العاملة حالياً (تقطع المسافة ما بين لندن ونيويورك بثلاث ساعات بدلاً من سبعة ساعات على الطائرات التقليدية) وحتى يحين الوقت الذي نشهد ظهور طائرات أسرع من الصوت لنقل الركاب، فإن الناقلات الجوية قد قامت بالتالي:

ـ تقديم أفضل خدمة وطعام وشراب للركاب.

ـ تصميم أكثر تنوعاً وراحة لكبائن الطائرات.

ـ مراعاة تخصيص مسافة كافية ما بين مقعد وآخر.

ـ التأكد من عمل أنظمة الترفيه لكل مسافر قبل قيام الرحلة واضافة كل ما هو متنوع ومفيد لامضائه رحلة ممتعة.

أما «بوينغ» فإنها تأمل ان تكون كابينة الركاب لطائرتها الجديدة الواعدة B7E7 التي ستدخل الخدمة في آخر هذا العقد من الزمن، أكثر كبائن الطائرات نظافة وصحة وذلك من خلال تزويدها بأنظمة مراقبة صحية وبيئية للركاب والطاقم تراقب وتحلل وترسل تقارير الى أقسام متابعة ارضية تتواصل مع الطائرة في الجو. أما «ايرباص» فإنها تأمل ان تعيد طائرتها الجديدة هي الأخرى والتي ستدخل الخدمة ايضاً في آخر هذا العقد، A380 العملاقة ذات الطابقين، الأجواءالتي كانت شائعة على متن المناطيد وان كانت من دون شرفات.

 

من أجل رحلة مريحة

من اجل ان تسافر على متن رحلة طويلة متواصلة قد تتجاوز مدة 8 ساعات، يمكنك عزيزي المسافر اتباع امور عدة قد تساعدك في اضفاء عامل الراحة في تلك الرحلة. اهم تلك الامور هو استغلال جميع الوسائل المتاحة بالطائرة وخصوصا مقعدك من سنادات الاذرع والارجل، التكيف مع الراكب الجالس بجانبك، فتذكر انه يشترك معك في الرحلة لذا لا بأس من التعاون بما فيه مصلحة مشتركة للجميع، كما لابد لك ان تتعاون مع طاقم الضيافة لتمكينهم من خدمتك بصورة افضل تذكر انهم هناك من اجلك وراحتك.

استغل جميع وسائل الترفيه المتاحة لك من اجهزة عرض لافلام وبرامج ومنوعات، ووسائل سمعية ايضا فهناك العديد من الاختيارات. تذكر عزيز الراكب ان «خير جليس في الانام كتاب».. اقرأ انها افضل فرصة للقراءة دون ازعاج وتذكر انك بين يدي الخالق سبحانه وتعالى فأنت حتما في امان ومهما يحدث فالطائرة، بفضل الله، اكثر امنا من بين المركبات الاخرى لذا تفاءل ودع عنك الخوف.

احرص على استغلال ما دفعت من اجله مالك، ولعلمك فإن الاحصائىات دلت على ان الراكب الذي يعتقد انه عبارة عن قطعة عفش يتم نقلها فإنه مخطئ لانه كي يتم نقله كضيف سيكلفه ذلك 243 دولارا وهو جالس على مقعد وثير متمتعا بوجباته. و168 دولارا اذا ما قرر ارسال طرد بريدي بدلا من السفر. واخيرا 584 دولارا عندما يكون ميتا في نعش والاختيار لك.


مقعد الراكب القياسي

سطرت شركة الطيران السنغافورية معايير قياسية في رحلتها المتواصلة من سنغافورة الى لوس انجلوس بالولايات المتحدة الاميركية على متن طائراتها المخصصة لذلك من فئة اير باص A340 النموذج الاطول مدى في العالم طراز A340 500 حيث قطعت رحلة استغرقت اكثر من 16 ساعة والاهم هو عدم احساس الركاب على متنها بالملل والضجر، وذلك نتيجة لوسائل الراحة واستغلال اولئك الركاب لها بصورة مثلى، ناهيك عن تواصل الطاقم معهم.

اما الناقلة الجوية الاسترالية كوانتاس Qantas فقد حذت حذوا اخر من جهتها في ابتكار تصميم ذكي لمقعد درجة رجال الاعمال الخاص بطائراتها الجامبو والايرباص الجديدة اطلق على ابتكارها مقعد sky bed ويحتوي على تقنية استغلال المساحة وغطاء خلفي يفصل الراكب عمن خلفه. ويصل طول المقعد الى مترين وعرضه الى 60سم وهو مزود بجهاز تدليك.

لمتابعة الموضوع في منتديات خط الطيران أضغط الوصلة

تاريخ النشر:   2005-07-05 14:34:56